إنّ الجوّ الانفعالي العام الذي يعيشه الطفل في المدرسة أو في البيت له أثر عميق في مدى تحركه وتفاعله وتحصيله، فقد يشعر الطفل بالتعاسة في المدرسة بسبب موقف الأطفال الآخرين كالسخرية منه أو الاعتداء عليه بقسوة أو شعوره بعدم الانتماء أو الشعبيّة. وقد يعتدي الأطفال أحياناً على زميل لهم لاعتقادهم بأنه لا يستطيع أن يردّ الاعتداء أو لشعورهم بضعفه وعدم قدرته على الوقوف أمامهم بنفسه والاعتماد على ذاته. وقد تعود مثل هذه الصفات إلى التركيب البيولوجي للشخصيّة أو إلى طريقة التربية التي يتبعها الآباء وهم يعملون على قتل الرّوح العدوانيّة الطبيعيّة عند طفلهم بشكل قاس وخطير. وقد يكون الطفل خجولاً، هادئاً يواجه رفاقاً له ذوي شخصيات عنيدة عدوانيّة ونتيجة لذلك قد يكره المدرسة وينفر منها.
فإذا لم يلق الطفل المعاملة التربوية الحسنة في المدرسة ويستوعب المناهج المتطورة، فإنّ حياته سيصيبها الفشل والتقاعس نحو التحصيل العلمي، ويحل جو السأم والضيق في نفسه، ويخلق علاقات عدوانيّة سواء مع أقرانه أم مع المدرسين وتنقلب حياة المدرسة بالنسبة له صورة قاتمة للحياة البشرية، نظراً لما يصاب به من إحباط متكرر.
إنّ نظام الحياة اليومية للأطفال يتغير تغيراً حاسماً عندما يبدءون الحياة المدرسية، كما أنّ عملية التعلم نفسها تزود الطفل بإحساس بالتنافس والاقتدار، وفي ذلك عون على فعالية نوازعه العدوانية، ونشرها على غيره وعلى موجودات المدرسة.
ويظل المعلم العنصر الأساسي في اكتشاف التحولات في سلوك الأطفال وفي التعرف على كثير من أشكال الاضطراب التي تؤدي الأطفال داخل الصف، الأمر الذي يلقي على كاهل المعلم عبء التعرف على مثل هؤلاء الأطفال، وتشخيص ما يواجهون من مشكلات ومساعدتهم على التكيّف مع الحياة الاجتماعية للمدرسة، من خلال مساعدهم على النمو الجسمي والعقلي والعاطفي لتحقيق الأهداف التربوية وتنمية جانب الخير في شخصياتهم وتنمية هذا الجانب عن طريق التشجيع والتوجه واستغلال طاقاتهم إلى أبعد مدى ممكن ومساعدتهم على الاحتفاظ باتزانهم العاطفي وتنمية اتجاهاتهم السليمة.
تنتشر ظاهرة عنف الأطفال في المجتمعات الغربية بشكل أكبر من مجتمعاتنا، و نحتاج لمعرفة الموضوع بشكل أوسع أن نصل إلى معرفة الأسباب و العامل المشكلة لنفسية الطفل.
أولا: لابد أن نعرف السلوك العدواني عن الأطفال . هناك تعريفان للعدوان :
1- التعريف الواسع : هو كل سلوك نشط فعال تهدف العضوية من ورائه إلى سد حاجاتها
الأساسية أو غرائزها
2- التعريف الضيق: وهو السلوك الهمجي المنطوي على الإكراه والإيذاء.
طبيعة العدوان ( العنف )
يمكن تصنيف اتجاهات الباحثين حول طبيعة العدوان في ثلاثة اتجاهات .
1- الاتجاه الأول : العدوان غريزة فطرية لدى الإنسان وبالتالي فإن العدوان جزء لايتجزأ من الطبيعة الإنسانية
2- الاتجاه الثاني: العدوان سلوك مكتسب بالتالي السلوك العدواني مكتسب من مجرى الحياة الاجتماعية.
3- الاتجاه الثالث : العدوان ردة فعل حيث يلجأ إليه الإنسان تجاه عوامل داخلية أو خارجية أو ردة فعل نتيجة إحباط تعرض له .
إن الأسباب والدوافع للعنف عند الأطفال قد ترجع إلى :
1- الإهمال من قبل الوالدين وانشغالهما وعدم وجود الوقت الكافي لرعاية طفلها وهذا يحوله بالتدريج إلى طفل عنيد ، أيضاً حاله الحرمان التي يعانى منها الطفل من حنان الامومه قد تكون سبباًُ في ميول الطفل للعدوان .
2- قصور جسمي لدى الأطفال : نشأ عنه نزعات عدوانية تضعف السمع والبصر وزيادة في إفراز الغدد وقصور بعضها الأخر .
3- وجود عاهة خلقية أو نقص جسمي: ويشعر الطفل بعجزه وعدم قدرته على التكيف .
4- الشعور بظلم الكبار ( الوالدين – الأسرة – المدرسة ) وقساوتهم
5- ولادة طفل جديد في العائلة واستحواذه على الجانب الأكبر من الرعاية .
6- تقدم زميل عليه في الدراسة أو الملبس أو القوه الجسمية.
7- كثرة المشاجرات بين الوالدين مما يهز ثقة الطفل بالجو المنزلي .
8- عدم الشعور بالسعادة والأمان في الحاضر والمستقبل بسبب عوامل إجتماعية واقتصادية مختلفة .
9- الدلال الزائد والعناية المبالغ فيها بأحد الأطفال دون إخوته .
10- مناقشة سلوك الطفل أمام الآخرين وعلى مسمع منه مما يجعله يسلك سلوكاً عدوانيا.
11- وسائل الإعلام والدور الذي تلعبه في تحريض الطفل على العنف وخاصة التلفزيون و هذا أمر واضح لنا في كندا و ربما أوضح في الولايات المتحدة. حيث أنه يؤثر في الطفل سواء إيجابياٌُ أم سلبياً لأنه يعتمد على حاستي السمع والبصر معاً وبالتالي يؤثر على عقول المراهقين عامه والأطفال خاصة .
أما عن ضبط السلوك العدواني عند الطفل يكون بإتباع الوالدين الآتي:
1- لابد أن تعمل الأسرة على تهيئه بيئة اجتماعية غير عدوانية . وذلك من تنشئه اجتماعية تغرس الحب وتنمى مهارات التعاون عن الطفل .
2- تجنب الممارسات والاتجاهات الخاطئة في تنشئه الطفل .
3- مساعدة الطفل على تعلم تقييم المواقف الإحباطية .
4- تعليم السلوك المناقض للعدوان وتعزيزه .
5- إتاحة ألفرصه للطفل على العب.
6- تنفيس الميول العدوانية.
7- تعزيز احترام الذات : إذ لابد من تعليم الطفل كيف يتعامل مع التجربة .
8- خلق جو غير متساهل .
9- استخدام أساليب غير مؤذيه للطفل .
10- تجاهل التصرفات العدوانية للمعتدى والاستماع إلى المعتدى عليه .
هناك العديد من الأساليب الفعّالة للحد من ظاهرة العنف:
1- التعاون مع البيت للوقوف على أسباب السلوك وإذا عُرف أنّ السبب يتعلق بالأسرة/ البيئة التي يعيش فيها، فعلى المدرسة تقديم العون.
2- استخدام المكافآت والتعزيز.
3- التفريغ العضلي: تشجيع الطفل على تفريغ غضبه وسلوكه العنيف مع الآخرين عن طريق قيامه بنشاطات جسديّة مثل الركض، السباحة، لعب كرة القدم، أو السلة أو ضرب كيس الملاكمة لتخفيف توتره.
4- حرمان الطفل المعتدي من المكسب الذي حصل عليه نتيجة عنفه مع الآخرين حتى لا يرتبط في ذهنه العنف بنتائج إيجابيّة.
5- تغيير ظروف البيئة التي أدّت إلى العدوان وإعطاؤه نموذج سليم للتعامل مع غيره.
6- أن لا يستخدم الوالدين أو المعلم سلوك العدوان مع سلوك الطفل العدواني.
7- على المعلم أن يعمل على إيقاف السلوك العدواني وأن لا يتغاضى عن سلوك الطفل وعنفه.
8- تعليم الفرد كيف يتحمل الإحباط على الأقل للدرجة التي تجعله لا يضار من الإحباطات التي تحدث في حياته اليوميّة.
9- الحديث مع الذات، وبذلك يتدرب الفرد على الحديث مع ذاته للتخلص من توتره وشعوره بالغضب.
10- إمساك الطفل. فقد يفقد الطفل سيطرته على نفسه تماماً، بحيث يحتاج إلى أن يُمنع من الحركة أو يبعد عن المكان حفاظاً على سلامته ومنعه من إيذاء نفسه أو الآخرين.
11- تنمية التبصّر: بعد تجاوز نوبة الغضب تماماً، يتم نقاش الحادثة كي يتم تنمية الفهم لديه حول المشكلة بحيث يتضمن النقاش وصفاً لشعورك وشعور الفرد أثناء المشكلة والأسباب التي أدّت إلى الغضب، والطرق البديلة لحلّ مثل هذه المشكلة في المستقبل.
12- العقاب البسيط، حتى يفهم الفرد أنّ نوبات الغضب والعنف لن تكون في صالحه يفرض عليه العزل لمدة (2- 5) د. في غرفة خاصّة وكلما قرر العمل عُزل بحيث أنه يجب أن يكون هناك حزم وواقعية ضمن قاعدة (لا تظهر أي تعاطف أو غضب.
13- المهمّة المتناقضة. وهي تلك المهمّات التي تبدو نافية للطفل لأنها تفرض طبيعة متناقضة ظاهرياً، مثل الطلب من الأطفال الاستمرار في نوبات الغضب بدلاً أن يتوقفوا عنها. وهذا يقوم في الواقع بخفض السلوك لأنه يقاوم ما يقال له ماذا يفعل.